الاثنين، 24 يونيو 2013

فن المقامات : موعظة من مقامات الحريري

شهر رمضان شهر التوبة والغفران .. والعبادة وتلاوة القرآن 
وبهذه المناسبة المباركة يسعدني أن أقدم للقراء الأعزاء هذه الموعظة :



أيها السادر في غلوائه ، السادر ثوب خيلائه ،
الجامح في جهالاته ، الجانح إلى خزعبلاته ..
إلام تستمر على غيك ، وتسمرئ مرعى بغيك ؟
وحتى ما تتناهى في زهوك ، ولا تنتهي عن لهوتك ؟
تبارز بمعصيك ، مالك ناصيتك ..
وتجترئ بقبح سيرتك ، على عالم سريرتك ..
وتتوارى عن قريبك ، وأنت بمرأى رقيبك ،
وتستخفي من مملوكك ، وما تخفى خافية على مليلكك..
أتظن أن ستنفعك حالك ، إذا آن ارتحالك ؟
أو ينقذك مالك ، حين توبقك أعمالك ؟
أو يغني عنك ندمك ، إذا زلت قدمك ؟
أو يعطف عليك معشرك ، يوم يضمك محشرك ؟
هلا انتهجت محجة اهتدائك ،
و عجلت معالجة دائك ، وفللت شباة اعتدائك ،
وقدعت نفسك فهي أكبر أعدائك ؟
أما الحمام ميعادك ، فما إعدادك ؟
وبالمشيب إنذارك ، فما أعذارك ؟
وفي اللحد مقيلك ، فما قيلك ؟
وإلى الله مصيرك ، فمن نصيرك ؟
طالما أيقظك الدهر فتناعست ،
وجذبك الوعظ فتقاعست ,
وتجلت لك العبر فتعاميت ، وحصحص لك الحق فتماريت،
وأذكرك الموت فتناسيت ،
وأمكنك أن تواسي فما آسيت..
تؤثر فلسا توعيه ، على ذكر تعيه ،
وتختار قصرا تعليه ، على بر توليه،
وترغب عن هاد تستهديه ، إلى زاد تستهديه ،
وتغلب حب ثوب تشتهيه ، على ثواب تشتريه ،
يواقيت الصلات ، أعلق بقلبك من مواقيت الصلاة ،
ومغالات الصدقات ، آثر عندك من موالاة الصدقات ,
ودعابة الأقران ، آنس عندك من تلاوة القرآن ..
تأمر بالعرف وتنتهك حماه ،
وتحمي عن النكر ولاتتحاماه ,
وتزحزح عن الظلم ثم تغشاه،
وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ..

مقامات الحريري
من المقامة "الصنعانية" بتصرف يسير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق