الخميس، 26 سبتمبر 2013

مناجاة في ليلة القدر










عشقتها ، فاسترقت قلبي العانـــي ::::: فقمت أعزف فيها عذب ألحانـــي
سموه شعرا ، وإني لا أراه ســوى ::::: آهات قلبي واحساسات وجدانـــي 
                        ===============
يا ليلة زانها ربي وشرفها تنزيله ::::: فـــي دجاها نـــور قـــرآنــــــــــي
دستور حق وتشريع وتربيــــــــة ::::: يبقى ، وإن زال هذا العالم الفانـي
ربى رجالا مغاوير اهتدوا وغزوا ::::: إن الرجولة من نور ونيــــــــــران
                        ===============
هذا الكتاب غدا في الشرق وأسفا ::::: شمسا تضيء ، ولكن بين عميان
يحاط بالطفل حرزا من أذى وردى :::: وفيه حرز الورى من كل خسـران
يتلى على ميت في جوف مقبــرة ::::: وليس بحكم في حي بديـــــــــوان
فكيف نرقى ، ومعراج الرقي لنــا ::::: أمسى يجر عليه ذيل نسيـــــــــان
                       ================
نحن النجوم تزين الكون طلعتنـا ::::: ويهتدي بسنانا كــــل حيـــــــــران
نحن النجوم فلا تعجب إذا انطلقت :::: منــا رجـــوم أخافت كل شيطـــــان
                        ================
والليث لن تحني الأقفاص هامته ::::: وإن تحكم فيـــه ألـــف سجــــــــان
                       =================
يا رب كم من صبي صفدوا فمضى :::: يبكي كضفدعة في باب ثعبـــــــان
يا رب كم أسرة باتـــت مشــــــردة :::: تشكو تجبر فرعـــون وهامــــــان

العلامة يوسف القرضاوي
من ديوان " نفحات ولفحات"
             

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

هبـل .. هبـــل

سيد قطب رحمه الله

هبل...هبل رمز السخافة والدجــــل
من بعد ما اندثرت على أيدي الأبــاة
عادت إلينااليوم في ثوب الطغـــــاة
تتنشق البخور تحرقه أساطير النفـــاق
من قيدت بالأسر في قيد الخنا والارتزاق
وثن يقود جموعهم ...يا للخجـــــــل

==========================

هبــــــــــل ...هبـــــــــــــل
رمز السخافة والجهالة والدجـــــــل
لا تسالن يا صاحبي تلك الجمــــــــوع
لمن التعبد والمثوبة والخضـــــــــوع
دعها فما هي غير خرفان... القطيـــع
معبودها صنم يراه ...العم ســـــام
وتكفل الدولار كي يضفي عليه الاحـترام
وسعى القطيع غباوة ... يا للبطـــل

=========================

هبـــــــــــل ... هبـــــــــــــل
رمز الخيانة والجهالة والسخافة و الدجل
هتافه التهريج، ما ملوا الثنـــــــاء
زعموا له ما ليس ... عند الأنبيـــــاء
ملك تجلبب بالضياء وجاء من كبد السمـاء
هو فاتح ... هو عبقري ملهـــــــــــم
هو مرسل ... هو عالم معلـــــــــــــم
ومن الجهالة ما قتـــــــــــــــــــل

=============================

هبـــــــــــــل ... هبــــــــــــل
رمز الخيانة والعمالة والدجــــــــــل
صيغت له الأمجاد زائفة فصدقها الغبــــي
واستنكر الكذب الصراح ورده الحر الأبــي
لكنما الأحرار في هذا الزمان هم القليـل
فليدخلوا السجن الرهيب وليصبروا الصبـر
وليشهدواأقسى رواية...فلكل طاغية نهاية
ولكل مخلوق أجل...هبـل هبــــــــــــل 
هبـــــــــل ... هبــــــــــــــــل

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

صراع مع الطغاة

خرجنا من السجن شم الأنوف
               كما تخرج الأسد من غابهـا
نمر على شفرات السيــــوف
               ونأتي المنية من بابهــا
ونأبى الحياة،إذا دنســــت
               بعسف الطغاة،وإرهابهــا
ونحتقر الحادثات الكبـــار
               إذا اعترضتنا بأتعابهــا
ونعلم أن القضا واقــــع
               وأن الأمور بأسبابهــــا
ستعلم أمتنا أننـــــــا
               ركبنا الخطوب حنانا بهـا
فإن نحن فزنا فيا طالمـــا
               تذل الصعاب لطلابــــها
وإن نلق حتفا فيا حبــذا
               المنايا .. تجيء لخطابهــا
أنفنا الإقامة في أمــــة
               تداس بأقدام أربابهـــا
وسرنا لنفلت من خزيهــا
               كراما،ونخلص من عابهـــا
وكم حية تنطوي حولنـــا
               فننسل من بين أنيابهـــا

  
                      الامام والأديب الثائر الزبيري

الثلاثاء، 9 يوليو 2013

كــــــــن صـلاح الـــــديـــن

أخـي حسن لاتحزن ..
إذا رأيت جنود الهوان 
يطوقون صدور الـقرآن 
كأنهم عصابة اللصوص والمجرمين ..
لا تحـزن ..
إذا أردت أن تثور كالبركان 
فقيل عدإلى بيتك واسكن 
ولا تحـزن ..

أخي حسن .. إغضب 
وأضف إلى أحزانك أحزان
فقد رأيت نفس الأوباش
يسممون نيل الكنــــــان
ويمنعون رحمة المنـــــــان
وحافظ الحديث والقــــرآن
و"ناس"أمة الهدى المصـــلين
ويسجنون مرسى حلم وسلطان

أخي حسن لاتحزن ..
فقد ولدت في عصـر الإنتكاس
ومشي بعضنا على الرؤوس في الميدان

أخي حسن ..لاتحزن
ولكن إغضب واقلب صفحة الميدان
ومزق صمت الجدران
ولا تقل قم صلاح الدين
ولكن كن صلاح الدين
أخي حسن ..
كن صلاح الدين 
وطهر الميدان 
من أرجاس المهرولين ..
ومن ثرثرة التافهين ...
وحرائق المجوس والمنافقين..
كن صلاح الدين ..
أعد لنا بطولة النصر في حطين 


السعيد الناصري

الخميس، 27 يونيو 2013

نعيم الروح

الأدب الاسلامي تعبير جميل عن حقائق التصور الاسلامي تتسع موضوعاته لقضايا الحياة والوجود ، له في كل منها رؤية أدبية ووجهة نظر، يجلو ذلك على مستوى فني رفيع إبداع الأديب المسلم في أصالة ومعاناة، وهو يفصح في وهج تجربته عن تمثله للإسلام والحياة الاسلامية ، فتنساب رؤيته في النفوس انسياب النبع الرقراق .
على هدي هذا المرتقى من رؤى الأدب الاسلامي يأتي ديوان شاعرنا سليم عبد القادر "نعيم الروح " :
قصائد الديوان تتكامل في نسيجها الفني لتمنحنا عوالم بادخة من الأدب الاسلامي المعاصر ، فهذه قصيدة " نعيم الروح " تحمل عنوان الديوان وتتصدره ، تروي لنا كيف يجتاز الانسان زخم الحياة الدنيا وضجيجها إلى صفاء الروح ونعيمها ، في رحلة لايبلغ شأوها إلا من خفت طينته ، وشفت روحه ، فعرف سر الحياة فجازها خفيفا إلى الغاية العليا .. 

كالنور أدخلها،كالريح أعبرها
             لا خائفا في المدى برا ولا بحـــــرا
آمنت بالله إيمانا عرفت بــــه
              مغزى الحياة،فأمسى سرها جهـــرا 
وصرت أحيا نعيم الروح مبتسما
              في المر والحلو أبدي الصبر والشكرا 

ولكن كيف يظفر الانسان بــ " نعيم الروح " إن لم يجد الاتصال بمصدر الوجود وقوة الأزل والأبد ..
هذا شاعرنا سليم يحرز بقريضه سر هذا التسامي في معرج اتصاله بالله ..

روحي بحبك هائم مشغـــــول 
              والقول أبعد شأوه التمثيـــل
يامن وهبت لي الحياة ودفأها
              ومن الحياة العقل والتنزيـــل
آلاؤك الغراء تغمر مهجتــي
              غمرا وجودك دائم موصــــــول
أعطيتني حبيك حبا صادقـــا
              يشفي فؤاد الصخر وهو عليـــل
     
سليم عبد القادر


قراءة في ديوان  " نعيم الروح " لسليم عبد القادر 
د . محمد عادل الهاشمي 
مجلة المجتمع العدد 1701 بتاريخ 15 ربيع الثاني 1427 بتصرف .

الأربعاء، 26 يونيو 2013

يوميات الرحلة الريفية 1 : الوداع ..

الثلاثاء 09 شعبان 1434 الموافق لــ 18 يونيو  2013 



استيقظت بعد الساعة التاسعة بقليل .. 
بعد جولة قصيرة في الخارج .. جاء  ابن خالي  يحمل الفطور ..
ابريق الشاي المنعنع ، وصحن الزبدة البلدية ..  وزيت الزيتون .. والجبن البلدي الذي يصنعه ابن خالي .
بعد الافطار اتجهت نحو " أصدر" حيث تسكن خالتي خديجة ..
الطريق إلى  "أصدر" يعج هو الآخر بالذكريات ..
 الحقول على جانبي الطريق .. وفي نهاية هذا الطريق مدرسة  الدوار..
و السوق القديم .. وأمامه الواد الكبير الذي يرسم لوحة خلابة من أنواع الاشجار والنباتات ..
ثم "نطفية"  سقاية عابر السبيل التي تتحفنا بالماء العذب البارد ..
وجدت خالتي وابنتها في الحقل قرب البيت .. سلمت عليهما من بعيد .. وقبلت رأس خالتي التي أفبلت نحوي ، وقادتني إلى البيت ..
هذا البيت الواسع يكتنز- هو الآخر- ذكريات كثيرة ..
 أدخلتني خالتي إلى المضيفة القديمة ..
غرفة طويلة مرتبة الأسرة والنمارق .. ومصففة الموائد ..
جلست وحيدا أخط مذكراتي ..
زوج خالتي في الخارج يبحث عن آلة "درس" الحبوب ، وابنهما لا يزال نائما بعد سهر الليلة الماضية كما أخبرتني خالتي ..    
بعد برهة من الزمن جاء ابن خالتي يحمل معه مقدمات الضيافة المعتادة .. ابريق الشاي الذي يسبقه شدى النعناع .. وصحن اللوز.. تعانقنا وتساءلنا عن الاهل والاقارب .. وشربنا الشاي .. وأكلنا اللوز ...
ثم جاء زوج خالتي الذي أتحفنا بحديثه الشيق كالعادة ..
آذان الظهر يسمع من مساجد الدواوير المجاورة .. أحضر لي الوضوء .. صلينا جماعة في الغرفة الأخرى بعدما أن لحق بي ابن خالي .. 
الصلاة في الريف - سبحان الله - لها طعم آخر .. فهي أكثر حلاوة .. وأكثر خشوعا .. الله أكبر ...
بعد الصلاة أحضر الغذاء .. يتقدمه رمز الضيافة الأمازيغية صينية الشاي الكاملة علبة الشاي .. والسكر .. والنعناع .. ومجموعة من الكؤوس الزجاجية .. وقنينة الغاز المشتعلة وفوقها الغلاي الذي تصاعد بخاره مستنجدا بالهواء ..
بعد شرب الشاي .. وضع طجين اللحم وشرائح البيض البلدي .. والخبز الذهبي الدافئ ...
بعد الطجين .. صحن من البطيخ الأصفر الحلو والبارد  .. ثم الشاي مرة ثانية ..
ودعت خالتي وزوجها عقب هذه الضيافة الكريمة واتجهت نحو خالتي الأخرى "يامنة" للتسليم عليها ، قبل عودتي إلى مراكش..
عدت الى "زاغو" حيث صليت العصر عند ابراهيم ، وأخرجت دراجتي النارية ..
ابن خالي أصر على جلب النعناع من الواد .. واللبن البلدي المخيض .. 
علقت قنينة اللبن الكبيرة و كيس النعناع على دراجتي .. وودعت خالي وابنه .. 
شغلت المحرك .. ووضعت الخودة الضخمة على رأسي .. وانطلقت أودع الأشجار .. والأزهار .. والأحجار..
ذاكرا وداعيا المولى الغفار .. 

الاثنين، 24 يونيو 2013

ســــــافر ..

(( قـل سيـروا فـي الأرض ))

                           

مما يشرح الصدر، ويزيح سحب الهم والغم, السفر في الديار، وقطع القفار، والتقلب في الأرض الواسعة، والنظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أقلام القدرة وهي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال ، لترى حدائق ذات بهجة، ورياضا أنيقة وجنات ألفافا..
أخرج من بيتك وتأمل ما حولك وما بين يديك وما خلفك ..
اصعد الجبال ..
اهبط الأودية ..
تسلق الأشجار..
عب من الماء النمير ،
ضع أنفك على أغصان الياسمين ..
حينها ستجد روحك حرة طليقة ، كالطائر الغريد تسبح في فضاء السعادة ..
اخرج من بيتك ، ألق الغطاء الأسود عن عينيك ، ثم سر في فجاج الله الواسعة ذاكرا مسبحا.
إن الانزواء في الغرفة الضيقة مع الفراغ القاتل طريق ناجح للإنتحار..
ليست غرفتك هي العالم ، ولست أنت كل الناس ، فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان ، ألا فاهتف ببصرك وسمعك وقلبك : 
((انفروا خفافا وثقالا )) 
تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل ..
بين الطيور وهي تتلو خطب الحب ..
وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل ..
إن الترحال في مسارب الأرض متعة يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه ، وأظلمت عليه غرفته الضيقة ..
فهيا بنا نسافر ..
لنسعد..ونفرح..
ونفكر..ونتدبر..
(( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ))

عائض القرني
من كتاب "لاتحزن" بتصرف يسير 

فن المقامات : موعظة من مقامات الحريري

شهر رمضان شهر التوبة والغفران .. والعبادة وتلاوة القرآن 
وبهذه المناسبة المباركة يسعدني أن أقدم للقراء الأعزاء هذه الموعظة :



أيها السادر في غلوائه ، السادر ثوب خيلائه ،
الجامح في جهالاته ، الجانح إلى خزعبلاته ..
إلام تستمر على غيك ، وتسمرئ مرعى بغيك ؟
وحتى ما تتناهى في زهوك ، ولا تنتهي عن لهوتك ؟
تبارز بمعصيك ، مالك ناصيتك ..
وتجترئ بقبح سيرتك ، على عالم سريرتك ..
وتتوارى عن قريبك ، وأنت بمرأى رقيبك ،
وتستخفي من مملوكك ، وما تخفى خافية على مليلكك..
أتظن أن ستنفعك حالك ، إذا آن ارتحالك ؟
أو ينقذك مالك ، حين توبقك أعمالك ؟
أو يغني عنك ندمك ، إذا زلت قدمك ؟
أو يعطف عليك معشرك ، يوم يضمك محشرك ؟
هلا انتهجت محجة اهتدائك ،
و عجلت معالجة دائك ، وفللت شباة اعتدائك ،
وقدعت نفسك فهي أكبر أعدائك ؟
أما الحمام ميعادك ، فما إعدادك ؟
وبالمشيب إنذارك ، فما أعذارك ؟
وفي اللحد مقيلك ، فما قيلك ؟
وإلى الله مصيرك ، فمن نصيرك ؟
طالما أيقظك الدهر فتناعست ،
وجذبك الوعظ فتقاعست ,
وتجلت لك العبر فتعاميت ، وحصحص لك الحق فتماريت،
وأذكرك الموت فتناسيت ،
وأمكنك أن تواسي فما آسيت..
تؤثر فلسا توعيه ، على ذكر تعيه ،
وتختار قصرا تعليه ، على بر توليه،
وترغب عن هاد تستهديه ، إلى زاد تستهديه ،
وتغلب حب ثوب تشتهيه ، على ثواب تشتريه ،
يواقيت الصلات ، أعلق بقلبك من مواقيت الصلاة ،
ومغالات الصدقات ، آثر عندك من موالاة الصدقات ,
ودعابة الأقران ، آنس عندك من تلاوة القرآن ..
تأمر بالعرف وتنتهك حماه ،
وتحمي عن النكر ولاتتحاماه ,
وتزحزح عن الظلم ثم تغشاه،
وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ..

مقامات الحريري
من المقامة "الصنعانية" بتصرف يسير

يوميات الرحلة الريفية1 : ناموا ولا تسيقظوا ...

الثلاثاء 9 شعبان 1434 الموافق لـ 18  يونيو2013




بعد صلاة الصبح ..
أمشي تحت رذاذ المطر الخفيف .. الصباح يغمر الدنيا بنوره ،ويمسح ما تبقى من صفحة الليل .. الجو بارد قليلا ..بعد يومين - انشاء الله - سيحل صيف هذا العام .. هذا الطقس المعتدل غير معتاد في مثل هذا الوقت من السنة..
لكنها رحمة الله ومشيئته ..
السماء ترسل فوق الأرض حبات الحياة ..
تغسل الفضاء .. والأشجار ..والثمار ..والأزهار ..والأحجار..
تمسح لوحة الأرض .. فتغدو بهية ..نقية..
أسير تحت الأشجار ..بجانب الجدول اليابس ..فتقطر علي الأغصان بقطرات الماء المعلقة عليها كحبات اللؤلؤ المنظومة في عقد الجمال..
عبق التراب المخلوط بعطر الحشائش اليابسة والخضراء يكمل احتفالية هذا الصباح ..
هنا طعم الصباح يختلف .. وأذكار الصباح تزيد حلاوة الايمان ، وجمال المكان..
مشيت طويلا .. وعدت إلى البيت ولم أقابل بشرا ...
عادة الناس في الريف النوم المبكر ، والغدو المبكر ، مع نجمة الصباح ..
ونغمة الديك الصياح ..
صدح الديك كثيرا ..وصاح ..
غردت البلابل ، وأنشدت العصافير ..
لكن أسمعت لو ناديت حيا ..
طرقت باب أحد الأقارب ثلاثا .. بين كل طرقة وأخرى صياح ديكهم .. ودعائي
ولكن ..لا حياة لمن تنادي ..

ناموا ولاتسيقظوا    مافاز إلا النوم   

هذا هو شعارنا منذ أن أضعنا المشعل .. والقنديل ..
ودخلنا في سرداب الجهل .. والظلام الطويل ..
ضاعت الأندلس ..
وبعدها القدس ..
سقطت بغداد .. وقبلها بيروت .. وكابول ..
ودماؤنا الآن في دمشق تسيل ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
عدت الى مضيفة جدي -رحمه الله- ونمت ..
بعدما تركت ذلك الصباح الفضي يكمل قصيدته الندية .. ولوحته البهية.. 

السعيد الناصري

الخميس، 20 يونيو 2013

يوميات الرحلة الريفية 1 : ذكريات

الإثنين 08 شعبان 1434 الموافق لـ 17 يونيو 2013




بعد صلاة العصر وشرب شاي البنائين الحلو جدا .. يممت نحو بيت جدي .. 
أسير تحت أشعة الشمس الملتهبة حينا.. وتحت ظلال الأشجار حينا آخر..
وصلت بيت جدي رحمه الله تعالى ..
هذا المكان يعج بالذكريات .. ذكريات الطفولة وملاعب الصبا..
خزان الماء التقليدي "النطفية" فوق بنائه الإسمنتي كنا نلتف وننشد.. ونلهو.. ونحكي حكايات عجيبة ..
وهذا الصبار الذي غرسته أمي .. بعده شجرة السدر التي كنا نتسلقها..ونأكل من ثمرها ..ونسكنها .. حتى سمتها جدتي - رحمة الله عليها-بالنزل لكثرة ما كنا نمكث فيها ..على اليمين بيت جدي المبني بالطين الأحمر.. في هذا البيت كانت تفوح رائحة الكرم وعبق الضيافة الأمازيغية..
دخلت مضيفة جدي .. تغير المكان والزمان ..لكن هذا الشعور القديم المفعم بالذكريات ، لايزال يراودني كلما دخلت هذه المضيفة ..
لم أجد خالي .. ولا إبنه .. ابنته الصغرى هي فتحت لي الباب .. وقالت "ادخل" بعدما بقيت جامدا امام الباب ..لما أخبرتني بعدم وجود خالي ..
جلست - بعدما دخلت- على الزربية الصوفية الحمراء .. أقرأ كتابا -وجدته في النافذة- للشيخ يوسف القرضاوي ،يحمل عنوان "ابعاد الحملة الأمريكية على العالم الاسلامي" .. القرضاوي كلما شاهدته قي "الجزيرة" يتكلم تذكرت جدي رحمالله .. نفس الملامح تقريبا .. حتى نبرة الصوت وطريقة الكلام .. سبحان الخالق المصور...
بعدة مدة من الوقت.. أحضرت ابنة خالي ابريقا من الشاي الفواح بشدى النعناع البلدي .. وصحنا من اللوز البلدي اللذيذ ..
وقبل المغرب جاء ابن خالي .. وأحضر لي كوبا من اللبن الرائب ..
وقبل العشاء .. كوب من عصير الجزر والبرتقال ..ثم طجين اللحم ..وصحن البطيخ الأصفر ..
الحمد لله على فضله واحسانه ..

السعيد الناصري    

الأربعاء، 19 يونيو 2013

يوميات : الرحلة الريفية 1 "البيت المهجور"

الإثنين 08 شعبان 1434 الموافق لـ 17 يونيو 2013
الزمان : الواحدة إلا ربع حسب توقيت الهاتف المحمول
المكان : بيت مهجور وسط الأشجار




نسمات الهواء الباردة تمايل..
أوراق شجرة الأكاليبتوس  الباديةأمامي من خلال النافذة في الغرفة العلوية من البيت المهجور  ..
وقميصي المعلق على الباب القديم الذي غسل الزمان لونه الأزرق ..
وأوراق مذكرتي بين يدي .. 
أجلس ملتف الساقين على سرير قديم .. غطيت غباره بسجادة الصلاة المزركشة بالأبيض والأزرق .. جدران الغرفة مصبوغة بصباغة زيتية نصفها السفلي أزرق داكن ، والنصف العلوي أبيض مغبر .. بينهما خط أسود .. 
أسند ظهري بوسادة على الجدار قرب النافذة التي تصفعني بهبات النسيم الباردة .. وتبعث في جسمي قشعريرة لذيذة .. وشعورا جميلا كانهمار الشلال البارد على الجسد الحار الظمآن ..
وسط هذا الديكور الأزرق .. وهذه اللوحة التي سطرتها يد الزمان ..
أقرأ رسالة القرني الرائعة " مفتاح النجاح " .. الكتاب الجيد -عندي- هو الذي تقرأه ،وتعيد قراءته ..وكلما قرأته تشعر أنك تقرأه للمرة الأولى ..
هذا الكتيب يستحق أن يوضع في المساجد .. وفي المكتبات الخاصة والعامة .. وأن تعلق أوراقه في المدارس والجامعات .. وفي الإدارات .. وفي الشوارع ..

في البيت المهجور تغذيت تحت مع البنائين ..
 وقلت (بكسر القاف) في الغرفة العلوية.. 
على السرير القديم ...
في بحر الأحلام ..
    
 السعيدالناصري 

يوميات : الرحلة الريفية 1

الأحد 7 شعبان 1434 الموافق لــ 16 يونيو 2013
الساعة : السادسة والنصف بعد العصر
تعبت من الرتابة وروتين العمل والبيت ، فقررت العمل بوصية الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عليه " سافر" ..
 ركبت دراجتي النارية وتوجهت نحو قريتنا الجميلة التي تبعد عن مدينة مراكش بحوالي تسعين كيلومترا .. زوجتي لم تعجبها الرحلة كعادتها .. لكني قررت..وعندما أقرر فنادرا ما أتراجع ..
الشمس تهبط نحو الغروب مسرعة .. والدراجة تنهب الطريق نهبا..
عبأت البنزين في المحطة الأولى على الطريق .. لبست الخودة الكبيرة المخصصة للسفر .. وبدأت الرحلة فعليا .. رحلة التغيير نحو الريف والطبيعة والجمال .. 
المساء الفضي المتلألأ يعانق الأفق ..
 والنسيم العليل يراقص أوراق الأشجار ..والأزهار .. والثمار..
سبحان الله .. كيف يغير الزمن المكان والإنسان ؟..
آذان المغرب أمام مسجد "مجاط" موعد قدري جميل .. ترجلت ..وأدخلت دراجتي إلى حديقة المسجد .. بردالطريق أرغمني على ارتداء الملابس الاحتياطية التي وضعتها في الحقيبة الصغيرة وربطها بالمقعد الخلفي للدراجة ..ملابس صيفية خفيفة لكنها أفضل من لاشئ ..
توضأت وصليت المغرب جماعة ..المسجد نظيف وممتلء بالمصلين ..
هنا .. أحسست بطعم مختلف للصلاة..تذوقت حلاو الصلاة ..استمعت إلى تلاوة الإمام بخشوع ..
برد الطريق في ضلوعي ..
ودفئ المسجد يضمني..
و حنو آيات رب العالمين يغمرني ..
منحني هذاالاطار شعورا جميلا لاأريده أن ينتهي..  
الصلاةبخشوع.. قرة العين ..النعمة الكبرى..جنة الدنيا..
خرجت من المسجد ..وفي سويقة "مجاط" القريبة اقتنيت بعض الفاكهة ..
بدأ الليل يسدل صفحته على المكان .. تابعت السير بعد أن ودعت بائع الفواكه..ودسست موزتين في جيب قميصي ..للطوارئ ...
المحطة القادمة "مزوضة" ..
توقفت قليلا .. أحسسست بالجوع .. أكلت الموزتين ..وتكلمت في الهاتف ..وتابعت المسير ..
صفحة الليل تسود كلماتقدمت في الطريق .. أشعلت مصابيح الإضاءة ..
الساعة التاسعة تقريبا وصلت "ادويران " ..
صليت العشاء في مسجد "الدوار" ..
شعرت بالتعب والارهاق.. 
السكون والهدوء .. يغريان بنوم عميق ..
غدا إن شاء الله نلتقي..
السعيد الناصري 

السبت، 15 يونيو 2013

السفر

 عطلة الصيف فسحة للتغيير والسفر .. وبهذه المناسبة أقدم لكم هذه الأبيات الرائعة للإمام الشافعي رحمه الله :
ما في المقام لذي عقل وذي أدب
                         من راحة فدع الأوطان واغتـــــرب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه 
                        وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده 
                       إن سال طاب وإن لم يجر لم يطـــب
الأسد لولا فراق الغاب ما قنصت
                       والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
                       لملها الناس من عجم ومن عــرب
والبدر لولا أفول منه ما نظرت 
                      إليه في كل حين عين مرتقـــــــــب
والتبر كالترب ملقى في أماكنه
                      والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرب هذا عز مطلبــــــه
                     وإن أقام فلا يعلو على رتـــــــــــب    

أبيات في حب المصطفى صلى الله عليه وسلم

ولو لم يكن في القلب حب محمد 
                  لعمت بك البلوى ودام الضلال
نبي الهدى قد أوجب الله صدقه
                  به الفرض فرض والمحال محـــال
وقد منح المولى الكريم لذاته
                  جمالا غشته هيبة وجـــــــلال

احمد الشارف
شاعر ليبي معروف من شعراءالنصف الأول من القرن العشرين


ولد الهدى فالكائنات ضياء
          وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حولــه
         للدين والدنيا له بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي 
        والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة القرآن ضاحكة الربا
         بالترجمان شذية غنـــــاء
والوحي يقطر سلسلا من سلســل
      واللوح والقلم البديع رواء   

احمد شوقي امير الشعراء


أقبلت كالفجر وضاح الأسارير
                يفيض وجهك بالنعماء والنور
فرحت وليل الكفر معتكــــر
                تفري بهديك أسداف الدياجيـر
وتمطر البيد آلاء وتمرعهــــا
                يمنا يدوم إلى دهر الدهاريـر
أبيت إلا سمو الحق حين أبــــى
                سواك إلا سمو البطل والــزور
بوركت ارضاتبث الطهرتربتها
                كالطيب بثته أفواه القوارير
الدين مازال يزكو في مرابعها
                والنبل ماانفك فيها جد موفور
والفضل والحلم والأخلاق مافتئت
                تحظى بإجلال ذي لب وتوقيــــر
جورج صيدح (وهومهجري نصراني) 

وجاءني طائر جميل
وحط قربي
وامتص قلبي
صب على لهفتي السكينة
ورش هدبي
براءة ، رقة ، ليونة
وقلت : ياطائري ..يازبرجد ..
من أين أقبلت ؟
أي نجم أعطاك لينه
يا نكهة البرتقال ، يا عطر ياسمينة
وما اسمه الحلو؟
قال : أحمد
وامتلأ الجو من أريج الإسراء. طعم القرآن
وامتد فوق اغماءة البحر ضوء
من اسم أحمد .
نازك الملائكة 


مصطلح الأدب الاسلامي

كل ما لا يصادر الاسلام  أو لا يتصادم معه فهو أدب اسلامي ، فكثير من الناس ممن لم يستطيعوا أن يفهموا المصطلح  إذا نظرت إلى إنتاج الكثيرين منهم تجده أدبا اسلاميا ؛ فهؤلاء في هذه الحالة لا يختلفون مع الاسلام ، لكنهم يختلفون مع المصطلح الذي يفهمونه على غير المراد .
والأدب الاسلامي أدب مرن وشامل ، فهو أدب قيمة وأدب فطرة ، يتسع لكل الأطروحات ، ومن هنا أتمنى على الإخوة أعضاء الرابطة كسب أنصار لأدبنا الإسلامي ، بان يكون خطابهم بعيدا عن التشنج والاتهام و الإقصاء حتى لايصادر الآخر ؛ لأن الرابطة
لها رسالة مهمة تحاول أن تؤديها ، وهي إبلاغ الكلمة الطيبة والدعوة بالحسنى : ((  ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) النحل : 125 ؛ وذلك لايتم من خطاب اسلامي  راق ومهذب ، لمحاولة رفع الجهالة عن المصطلح ؛ لأن الناس أعداء ما جهلوا ، وبهذا نكسب في صفنا ونجذب أكبر عدد من الأدباء والمفكرين والصحافيين والعلماء في كل التخصصات ، ونقنع الآخر  أن الأدب الاسلامي لا يصادر حقوقهم و لا آراءهم ولا إبداعاتهم ، بل إنه مركب من كلمتين  علينا أن نلتزم بهما ، وهما : أدب و إسلام. والأدب يلتقي مع الجميع ما لم يصادر الاسلام أو يتصادم معه كما ذكرت ، وكل ما أتى على هذا النحو فهو أدب اسلامي .

الدكتور حسن الهويمل
 في حوار مع مجلة "البيان"
ص: 98  العدد : 224


















الاثنين، 10 يونيو 2013

الجائزة الكبرى

قصة قصيرة                                          
                                                               





عدت إلى البيت بعد يوم من العمل .. سلمت على زوجتي وقبلت الابناء ..  دلفت الى غرفة النوم ، نزعت قميصي .. أدخلت فيشة الكهرباء وضغطت على زر تشغيل الحاسوب واتجهت نحو المطبخ فتحت الثلاجة .. ابحث عن جزر أو مشمش.. أحاول أن أكون نباتيا في عشائي فقد تخطيت حاجز التسعين كيلو جراما .. حاولت مرات عديدة تطبيق نظام للتخسيس لكني بطني يسبقني دائما..
عدت إلى الحاسوب وشغلت برنامج الاتصال بالأنترنيت .. في كل مرة تقفز صفحة شركة الاتصال المليئة بالإعلانات وصور الكاسيات العاريات .. أغض طرفي وأتحول بسرعة إلى صفحة الشيخ "جوجل" ، ثم إلى قناتي على اليوتيوب .. ماشاء الله ..أصبح للقناة جمهور ، ومشترك أيضا .. ضغطت ب"الفأرة" على المشترك فظهرت صورة لغصن شجرة الأركان فقلت في نفسي ربما هذا شخص من المغرب ومن نواحي "سوس" أو"حاحا" حيث توجد أشجار الأركان .. في يمين الشاشة يوجد صندوق بريد خاص بالقناة..فتحته فتفاجأت برسالتين ، الأولى تعليق على مقطع فيديو ..والثانية ..لم أصدقهافي بداية الأمر..رسالة من نادي راقي يسعى لرعاية الفن ... يخبرني أن قانتي المتواضعة على اليوتيوب قد فازت بجائزة قيمتها : 955 ألف جنيه استرليني ... وفي نهاية الرسالة الطويلة والمكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية طلب بإرسال المعلومات الشخصية للسيدة "طاهيرة ماكولاي" المكلفة المالية بالنادي للحصول على الجائزة..
أقنعت نفسي بإرسال المعلومات .. قلت لنفسي لن أخسر شيئا.. وأن " أتبع الكذاب حتى باب الدار" كما يقول المثل المغربي الدارج ، ونسيت أن "الكذاب يغلب الطماع " كما في المثل الآخر ...
بعد اسبوع تقريبا من ارسال المعلومات.. فتحت بريدي الإلكتروني.. ووجدت رسالة السيدة "طاهيرة ماكولاي".. الرسالة معنونة ب "ملء استمارة طلب التعويضات" الرسالة طويلة وباللغتين.. وفي مقدمتها شعار اليوتيوب الأحمر ..ثم التذكير بالفوز بالمبلغ الكبير..والتهاني... وفي وسط الرسالة نمودج الاستمارة المكون من عشرة أسطر.. وفي الآخر "ألف مبروك مرة أخرى"
انتابني شعور غريب..الأمر جد إذن وليس بالهزل...وبدأت علامات النصر تتراقص أمامي...
سطرت الاستمارة بهمة ونشاط وأرسلتها.. بنجاح.. الوقت متأخر تجاوزت الساعة منتصف الليل ، لكني لا أشعر بالتعب مطلقا..
أغلقت الحاسوب ونزعت فيشة الكهرباء.. توضأت وصلتين ركعتين..الأولاد نائمون.. والزوجة تعزف سمفونيتها الشهيرة..
 قريبا سيتغير هذا الوضع إن شاء الله .. سيكون لدينا بيت واسع..فيه غرفة للبنين وأخرى للبنات.. ومكتب "شيك" أرتب فيه كتبي المكدسة في صندوق "الكوافوز" المكسور.. وسأشتري حاسوبا جديدا.. وهذا القديم سأتركه للأطفال..وسأشتري... سريرا وثيرا وسأتخلص من هذه الكومة الصلدة التي أنام عليها.. إنشاء الله...
رددت أذكار النوم واستسلمت لنوم لذيذ .
في اليوم التالي فتحت بريدي الاكتروني باحثا عن رد السيدة "طاهيرة ماكولاي" ، لكني لم أجده.. هناك فقط الرسائل المعتادة.. التويتر.. وموقع "الطريق إلى الله".. والمختار الاسلامي.. وموقع الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله تعالى... لم ألتفت إلى هذه الرسائل.. كنت أبحث عن رسالة واحدة.. رسالة تحقق هذه الأحلام والمشاريع التي تأججت في داخلي...
لم أخبر أحدا بفوزي بالجائزة القيمة.. لأن النادي الراقي طلب مني ذلك..
والسيدو " طاهيرة" طلبت مني ذلك هي الأخرى ..حتى زوجتي لم أخبرها فهي ثرثارة جدا.. وستخبر أمها.. وخالتها.. وصديقاتها الكثيرات..يوما ما قال لي أحد الأصدقاء أن النساء يتعارفن بسرعة كالنعاج.. قال لي ذلك عندما دعانا لبيته أنا وزوجتي.. وقلت له إن زوجتي لا تعرف زوجتك..

 بعد خمسة أيام جاء الرد المنتظر..
قرأته بسرعة وانفعال شديد.. الرسالة تعلوها أيقونة اليوتيوب القانية، وعبارات الاحترام والتهاني.. ورقم الفوز الكبير...
المهم أن السيدة " طاهيرة" قد دفعت جائزتي القيمة إلى شركة الشحن السريع التي ستتولى توصيلي-إنشاء الله تعالى- بالجائزة.. وأعطتني عناوين الشركة الواقعية والإلكترونية ورقم هاتفها.. وطلبت مني ارسال معلوماتي إليها..
" لاتوصي يتيما بالبكاء ".. فإنه سيبكي..
وفي آخر الرسالة عبارة أربكتني كثيرا ، وهي أنه لدي خمسة عشر يوما فقط لاستخلاص جائزتي... وكيف لاأرتبك ؟ واليوم الخميس ، والساعة تجاوزت منتصف الليل ، يعني أننا في يوم الجمعة - حسب التقويم الجاري في العالم- وبعده السبت والأحد  عطلة عند "الخواجة".. وعندنا...
إذن يتبقى أسبوع فقط للتوصل بجائزتي الكبيرة.. وهل يكفي هذا الأسبوع حتى في عد هذا المبلغ الضخم ؟؟ ..
رغم ذلك عبأت استمارة المعلومات وأرسلتها إلى شركة الشحن السريع البريطانية..  
أقفلت الحاسوب ونزعت فيشة الكهرباء..
توضأت.. وصليت ركعتين.. وحاولت النوم على السرير الصلد بجانب زوجتي التي تعزف سمفونيتها الشهيرة.. لكن النوم طار.. ر ددت أذكار النوم.. لكني 
لم أنم .. رأسي يعج بالأفكار.. وبالمشاريع الصغيرة والعملاقة..
والخوف من ضياع "الثروة" وانفلاتها من بين أصابعي كما انسلت أحلام الطفولة والشباب.. لم أنم .. ربما غفوت قليلا ..
آذان الصبح الأول يكسر صفحة الليل السوداء.. بعد قليل سيرن جرس الهاتف وسأقوم..

اليوم الجمعة "عيد المؤمنين" يوم عطلتي الأسبوعية.. استيقظت متأخرا.. أما زوجتي فتصحب الأولاد إلى المدرسة مبكرا بعد أن تفطرهم بالحليب والخبز الباريزي الذي يفضله الأولاد مع الجبن الفرنسي كذلك .. ومربى المشمش الذي صنعته .. والصراخ والضرب أيضا... 
قبل أن افطر وضعت الفيشة في مأخذ الكهرباء وشغلت الحاسوب ..
وأسرعت إلى صفحة بريدي الاكتروني حيث تفاجأت برد شركة الشحن السريع.. شعرت  بالارتياح فهذه السرعة مطلوبة في مثل هذه المواقف الحرجة التي أمر بها.. في بداية الرسالة إطارات لصور غير ظاهرة.. وتحية إدارية جافة.. وطلب بقراءة الرسالة بتأن وتركيز..ثم تذكير بالجائزة وقيمتها ورقمها... ثم نمودج الاستمارة الأخرى التي سأملؤهامن جديد..أسماء وعناوين وهواتف كالعادة ، لكن هذه المرة سأضيف خانة أخرى خاصة بنوعية الشحن التي أفضلها حسب سرعة التسليم.. وكل سرعة بثمن خاص..
عبأت الاستمارة بسرعة.. واخترت السرعة القصوى وهي أربع وعشون ساعة..
وأسرعت بالضغط على كلمة "ارسال"..
 ثم قمت للإفطار مع زوجتي والأبناء الذين أحضرتهم من المدرسة قبل قليل..
عادة زوجتي تأكل وتتحدث.. وتوبخ الأولاد.. وتضربهم.. وأنا أكره هذا الأسلوب على المائدة.. وقلت لها ذلك مرارا.. ولكن لاحياة لمن تنادي.. وتقص أحلامها المزعجة وكوابيسها.. وكذلك قلت لها انه لايجوز-شرعا- حكاية الأحلام والكوابيس.. 
اليوم كانت هادئة إلى حد ما.. وقالت أنها رأت بيضا كثيرا في المنام.. قلت في نفسي مفسرا إنها الدراهم البيضاء الكثيرة..والثروة الموعودة..
إنها الجائزة الكبرى التي فزت بها..
وقلت لها إنه الخير القادم إنشاء الله ...
بعد انتهائي من فطوري حملت أغراض الحمام ودخلت إلى الحمام ..
خرجت من الحمام ،وغيرت ملابسي ،وعدت إلى الحاسوب ..فتشت صندوق البريد الوارد.. لم أجد رد شركة الشحن.. وانتقلت إلى قناتي على اليوتيوب حيث قمت برفع مقاطع دعوية جديدة..
بعد صلاة الجمعة صحبت الاولاد إلى المدرسة لأول مرة منذ شهور.. فرح الاولاد كثيرا لأني رافقتهم إلى المدرسة..أعطيتهم فلوسا قرب المدرسة لشراء الحلوى..
تغذيت مع زوجتي.. لم تكن عندي شهية للأكل.. المهم أكلت.. واتجهت نحو الحاسوب.. واتجهت زوجتي نحو آلة التصبين ..
هذه المرة جاء رد شركة الشحن أكثر بهاء.. تعلوه أيقونتان..
طائرة رمادية تطير.. وشاحنة صفراء تسير..
وبعد التحية والتبريكات ..جاءت الصاعقة ًُ..
مصاريف الشحن الباهضة جدا تدفع أولا.. ثم أيقونة شركة تحويل الأموال الحمراء..وطريقة الدفع المتبعة في مثل هذه الشركات.. واستمارة الدفع وفي أسفل الرسالة صورة للطرد الذي سيصلني.. وهو يضم شهادة الفوز والشيك العالمي الذي يمكن صرفه في جميع أبناك العالم ...
المشكلة أن المبلغ المطلوب كبير ولاأملكه ..
قلت في نفسي سأكتب لهم وأقول لهم أن يقططعوا هذا المبلغ من الجائزة.. وهذا ماقمت بتنفيذه بسرعة ..
خرجت من البيت وأنا مشتت الفكر أبحث عن مصادر تمويل لاستخلاص جائزتي.. سأطلب من أحد الأقارب أن يقرضني.. أو أخبر زوجتي لعلها تطلب من والدها قرضا آخر..
لم أستطيع الابتعاد عن الحاسوب ..عدت إلى البيت وإلى الحاسوب ..
وجدت رد شركة الشحن بانتظاري ..كان ردا حازما ..
" ياسيدي لقد قلنا لك أن الدفع سيكون قبل التسليم .. وأن القانون البريطاني يحرم التصرف في جائزتك .. أنت الشخص الوحيد المخول له ذلك"
الطائرة الرمادية -مازالت- تطير ..
والشاحنة الصفراء تسير ..
بدأت بعض الشكوك تساورني..ورغم ذلك لازلت أبحث -في ذاكرتي - عن ممولين..فكرت في السفر ..لعلي أقنع أحد الأقارب بالدخول معي في هذه الجائزة..بتحمله مصاريف الشحن...
حان وقت صلاة المغرب.. توضأت وخرجت للمسجد..كنت دائما أدعو الله أن ييسرلي أمر هذه الجائزة..
بعد صلاة المغرب جلست لأذكار المساء.. والدعاء..
أثناء ذلك مر أمامي "نورالدين" قلت في نفسي وجدت من أبوح له بهذا السر الثقيل.. ليس من عادتي البوح بأسراري ..لكن هذه المرة يجب أن أفجر هذا الجبل من الهم الجاثم على صدري منذ أسبوعين ..
قصصت على نور الدين حكايتي.. وكان يعلق أثناء سردي المختصر بأن الأمر يتعلق بعملية نصب واحتيال ...
الحمد لله ..اراحتني كلمات نورالدين كثيرا ..
شكرت نور الدين وانصرفت ..
عدت إلى البيت وإلى الحاسوب بعد عزمت على التحقيق في النادي صاحب الجائزة.. استدعيت الشيخ "جوجل" وكتبت في اطاره اسم النادي بالحروف اللاتينية ،فظهرت النتائج سريعا ..لهذا أحب الشيخ "جوجل" إنه أمين وسريع في تقديم خدماته البحثية ..
ضغت على الاختيار الأول.. والثاني.. وفي الاختيار الثالث ظهرت نفس الرسالة التي توصلت بها والتي أخبرتني أن قناتي قد فازت بالجائزة.. نفس الرسالة توصل بها "فارس السنة" صاحب قناة أخرى على اليوتيوب...
قلت في نفسي الحمد لله لقد انكشف الأمر..
إنها عملية نصب واحتيال مكشوفة كدت أن أقع فيها لولا رحمة الله وعنايته..
عدت إلى بريدي الاكتروني ، وضغطت على رسالة شركة الشحن المزعومة.. وقرأت عبارة النصب الآخيرة :
" ياسيدي الدفع فبل التسليم ..."
وكتبت تحتها :
" يا سيدي لقد تبرعت بهذه الجائزة للجمعيات الخيرية الأمريكية والبريطانية"
وضغطت بالفأرة على الإطار الأزرق "إرسال".